د. فايز الربيع
في ذكرى النكبة اعتقد الكيان الصهيوني أن الرياح بدأت تسير في اتجاه ما تم التخطيط له–دخول مستوطنين بحماية أمنية إلى ساحات الأقصى–وترحيل سكان الشيخ جراح–واعتقد الكيان أن عرب الداخل قد تم تطويعهم–وأن اتفاقيات السلام الجديدة قد عمقت له حضورا عربيا ودولياً قوياً، وان القضية الفلسطينية قد تراجعت من سلم أولويات الأمة.
هذه الأمة تضعف لكنها لن تموت، هذه حقيقة يجب أن يعلمها كل من يراهن على موت هذه الامة فجأة ينتفض الشعب الفلسطيني ويصبح الاحتفال ملطخاً بدماء الشهداء، وجرح وقتل الاسرائيليين رائحة البارود، كأنها عشق هذا الشعب الذي يناضل عن أعدل قضية لازالت عالقة دون حل.
اليوم يجد الكيان الصهيوني نفسه، أمام، شعوب عربية وإسلامية وقوى حية في العالم، تقول لا، للظلم واستمرار الاحتلال، أمام شباب تربوا في جيل النكبة وهم أكثر صموداً وتضحية، أمام قطاع تمت محاصرته عبر سنوات طويلة، لا كهرباء ولا ماء ولا حديد ولا علاج ومع ذلك يتم التعامل معه كحرب مع دولة عظمى من حجم الطائرات والاسلحة التي تستعمل ضمن سياسة الأرض المحروقة التي لا تفرق بين شجر وحجر وبشر–ومع ذلك يقف والد أربعة شهداء ليقول لابنائه مبروك الشهادة، وتحمل أم عجوز ابنها الشهيد كما حملته وهنا، تسير به وهنا ولكن بعد ان إجتاز امت?اناً كبيراً اسمه المقاومة.
الكيان الصهيوني يريد أن ينهي هذه الجولة من الحرب دونما شروط والمقاومة تريد أن يكون الحل مشروطا، ومهما إختلفنا أو إفقنا سياسيا مع المقاومة–تبقى روحها من روحنا ودمها من دمنا فنحن أبناء أمة واحدة وعقيدة واحدة، والمسيحيون الفلسطينيون والعرب أبناء الوطن وشركاء التاريخ لهم من هذه المقاومة نصيبها أكثر ما أزعج الكيان في هده المرحلة هو انتفاضة الداخل وعودة الانتفاضة إلى الضفة–وإنتهاء الانقسام على ارض الواقع لا فرق بين الضفة والقطاع–وإستحالة المشروع الصهيوني القائم على يهودية الدولة والترحيل.
لقد أحسنت الانظمة العربية صنعاً - على الأقل في هذه الزاوية إن سمحت للناس بالتعبير عن آرائهم وتجمعاتهم، بالرغم من أنها لن تؤثر في ميزان القوة - لكنها تعطي أملاً أن هذه الامة لا زال جسدها واحد وهدفها واحد - نحو القدس وفلسطين.
وأخيرا نقول - هل غزة هي الحرة - والبقية محاصرون - سؤال برسم إجابة الشعوب في مستقبل السنين والأيام.